البحث عن السعادة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني

 
البحث عن السعادة
شوق أبو صالح - 22\08\2013
البعض يجيب بنعم والبعض الآخر يعتقد أنه يملك السعادة فهو لا يبحث عنها، وكثيرون ممن لا يطلعون على مثل هذه المواضيع، إما انهم يعتقدون أنهم يملكون السعادة؛ فلماذا يبحث عنها ولماذا يقرأ عنها، أو أنهم لا يدرون ماذا يريدون!
لذا تجدهم دائما يتحدثون عن همومهم وأحزانهم وعذاباتهم ومشاكلهم، ويتلذذون بهذا الحديث، ويتلذذون بالتعاطف من قبل الآخرين، ولا يبذلون أي مجهود للتخلص من هذه المشاكل. وقد تكون تلك المشاكل ولت منذ زمن بعيد ومازال يستعيدها ويتحدث عنها, بل أكثر من ذلك، فلو راقبت سلوكه وتفكيره لوجدت أنه يبحث عن المشاكل والتعاسة، مثل هذا الانسان قطعا لا يبحث عن السعادة ولا يعرف ما هي.. هؤلاء تبرمجوا على التعاسة والألم وأصبحوا متكيفين مع ألامهم يحبونها غير مستعدين للتخلص منها..

هناك الكثير من الذين يطلبون الاستشارات لحل مشاكلهم الخاصة، وفي حقيقتهم لا يريدون حل المشكلة، فقط يريدون التعاطف. ولو قلت لهم هذا العلاج سوف يزيل المشكلة وآثراها لترددوا في تطبيقه، والدليل أن الكثير من المشاكل يكمن حلها في تحمل المسؤولية واتخاذ قرار جاد وتجدهم يسوفون ويؤجلون ويهربون ويخافون من هذا القرار .

السعادة شعور والمشاعر اختيار يعني ان الانسان يستطيع ان يختار أن يكون تعيساً، حزيناً أو بائساً، ويشتكي من الظلم وينتقد العالم أجمع، ويبكي على الماضي وعلى اللبن المسكوب، ويستطيع أن يتوقف الان ويبدأ بالاهتمام بمستقبله والشعور بالأمل والتفاؤل والسعادة، يستطيع أن يغير طريقة تنفسه بحيث يتنفس بحماس ويبتسم الان ويكرر الحياة رائعة وسوف تصبح حياتي أجمل حياة.

إلا ان هناك قلة من الناس يفعلون ذلك وهناك عدد لا بأس به لا يستطيع أن يختار أن يكون سعيداً بل يعود الى الماضي ويخبرك عن أحزانه، وعندما تخبره بأنها في الماضي وليست هنا الان، ينزعج ويحاول أن يظهر تأثيراتها على حياته وقراراته وطبيعة حياته، فتكتشف أنه مازال هناك ولا يريد الخروج معك الى الحاضر بل هو لا يرى في الحاضر الألم، تجده ينتقد الجميع يبرر كل اخطائه ناقم على المجتمع والناس ويتهم حتى الجمادات.

السعادة مجانية وليس لها أي مقابل. السعادة شعور والشعور مجاني. تستطيع الان أن تشعر بالخوف أو تشعر بالقلق أو تشعر بالحزن أو تشعر بالفرح والسعادة والسرور، تستطيع ان تتذكر موقفا سعيدا وشخصاً تحبه، ولحظة رائعة مرت عليك في حياتك، وتستطيع أن تحافظ على هذا الشعور. لن يستطيع أي شخص سلب هذا الشعور منك إلا اذا انت تنازلت عنه. السعادة ليس لها مقابل فهي مجانية..

إلا أنك تجد بعض الاشخاص يصر على ان يشتري السعادة بمقابل عالي جداً، فهو يفرض ضرائب عالية على نفسه لكي يسعد. فالبعض يقول سوف أسعد عندما أجد وظيفة! وما دخل الوظيفة بالسعادة؟ والآخر يقول سوف أسعد عندما أحصل على المال أو المنزل أو الزوجة أو السيارة أو الزوج أو أقبل في الجامعة أو… من قال ذلك من ربط السعادة بهذه الأمور؟ السعادة لا علاقة لها بذلك هناك اشخاص سعداء بدون بيت وأشخاص سعداء وليس لديهم مال، البعض يقول سوف أسعد عندما أشفى من المرض أيضا. من ربط السعادة بالمرض؟ آلا يوجد سعداء مرضى! عندما يمتلئ القلب حباً وصفاء وتطهر الروح من الحقد والكره والغيرة، عندما يتعلق القلب بالله ونصل الى اليقين برحمته وعفوه وقدرته سوف نركب سفينة الامل ونشرعها بالتفاؤل ونقودها في بحر الحياة بعزم وثبات. هذه القيود التي فرضنها على السعادة هي قيود وهمية وضعها المجتمع في عقولنا وصدقنها وأصبحنا ندفع أغلى لحظات العمر ثمن لهذه الضرائب الباهضة. السعادة بالمجان وأنه هنا اشخاص لا يبحثون عنها يضعون القيود حتى يهربوا منها.